فصل: فصل الشرب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل الشرب

ذكره بعد الموات لاحتياج الموات إليه وفصل بالتنوين مبتدأ خبره ما بعده أو خبر مبتدإ محذوف‏.‏ وفي القاموس الشرب بالكسر الماء والحظ منه أو المورد ووقت الشرب، وجعله القهستاني اسم مصدر تأمل ‏(‏قوله لغة نصيب الماء‏)‏ قال الزيلعي‏.‏ صوابه من الماء ا هـ‏.‏ وقد يجاب بأن الإضافة على معنى من كخاتم حديد قال في الدر المنتقى‏:‏ وإنما خالف دأبه وذكر المعنى اللغوي دون الشرعي، لئلا يتوهم أنه مراد في هذا المقام ذكره القهستاني وغيره ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشرعا نوبة الانتفاع بالماء‏)‏ أي وقته وزمانه وهو معنى لغوي أيضا كما مر، وانظر ما وجه إرادة المعنى الأول هنا دون الثاني مع أنه يصح إرادة كل منهما فيما يظهر ‏(‏قوله والشفة‏)‏ بفتحتين والأصل شفه أو شفوفا أبدلت الواو تخفيفا قهستاني ‏(‏قوله شرب بني آدم والبهائم‏)‏ فتكون أخص من الشرب لاختصاصها بالحيوان دونه ‏(‏قوله بالشفاه‏)‏ هذا أصله، والمراد استعمال بني آدم لدفع العطش أو للطبخ، أو الوضوء، أو الغسل، أو غسل الثياب ونحوها كما في المبسوط، والمراد به في حق البهائم الاستعمال للعطش ونحوه مما يناسبها أفاده القهستاني ‏(‏قوله ولكل‏)‏ أي من بني آدم والبهائم قهستاني ‏(‏قوله حقها‏)‏ أي حق الشفة، وعبر بالحق؛ لأنه ليس ملكا لهم لأنه غير محرز أفاده القهستاني ‏(‏قوله في كل ماء لم يحرز‏)‏‏.‏

اعلم أن المياه أربعة أنواع‏.‏ الأول‏:‏ ماء البحار ولكل أحد فيها حق الشفة؛ وسقي الأراضي فلا يمنع من الانتفاع على أي وجه شاء، والثاني‏:‏ ماء الأودية العظام كسيحون، وللناس فيه حق الشفة مطلقا وحق سقي الأراضي إن لم يضر بالعامة‏.‏ والثالث‏:‏ ما دخل في المقاسم أي المجاري المملوكة لجماعة مخصوصة، وفيه حق الشفة‏.‏ والرابع‏.‏ المحرز في الأواني ينقطع حق غيره عنه وتمامه في الهداية‏.‏ وحاصله‏:‏ أن لكل أحد في الأولين حق الشفة والسقي لأرضه وفي الثالث حق الشفة فقط ولا حق في الرابع لأحد‏.‏ ‏(‏قوله لم يحرز بإناء‏)‏ الأولى في إناء، فلو أحرزه في جرة أو حب أو حوض مسجد من نحاس أو صفر أو حص وانقطع جريان الماء فإنه يملكه، وإنما عبر بالإحراز‏:‏ أي لا الأخذ إشارة إلى أنه لو ملأ الدلو من البئر ولم يبعده من رأسها لم يملكه عند الشيخين إذ الإحراز جعل الشيء في موضع حصين، وإلى أنه لو اغترف الماء من حوض الحمام بإناء الحمامي، فإنه يبقى على ملك الحمامي، لكنه أحق به من غيره كما في المنية وغيرها قهستاني ‏(‏قوله أو حب‏)‏ بالحاء المهملة هو الخابية كما يأتي قال ط‏:‏ ولا حاجة إليه فإن الإناء يعمه على ما يلزم عليه من عطف الخاص على العام بأو ا هـ‏.‏ وفي نسخة بالجيم، وهو تحريف، لأن الجب البئر كما في القاموس، والماء في البئر غير مملوك كما في الهداية وقدمناه ويأتي لكن فسره بعضهم بالصهريج، فيصح أيضا كما يأتي بيانه ‏(‏قوله كدجلة‏)‏ بالكسر والفتح نهر بغداد قاموس ‏(‏قوله والفرات‏)‏ كغراب نهر في الكوفة قاموس ‏(‏قوله ونحوهما‏)‏ كسيحون وهو نهر الترك وجيحون نهر خوارزم عناية ‏(‏قوله ولا إحراز‏)‏ أي في هذه الأنهار ‏(‏قوله ولكل‏)‏ أي لكل أحد ‏(‏قوله منها‏)‏ أي من هذه المياه الغير المملوكة ‏(‏قوله إن لم يضر بالعامة‏)‏ فإن أضر بأن يفيض الماء ويفسد حقوق الناس أو ينقطع الماء عن النهر الأعظم أو يمنع جريان السفن تتارخانية، فلكل واحد مسلما كان أو ذميا أو مكاتبا منعه بزازية، وظاهر ما قدمناه عن الهداية أن هذا في الأنهار، أما في البحر فإنه ينتفع وإن ضر وبه صرح القهستاني تأمل ‏(‏قوله لا سقي دوابه إلخ‏)‏ هذا المصدر يتعلق به قوله الآتي من نهر غيره وهذا شروع في النوع الثالث من الأربعة التي قدمناها‏.‏ وحاصله‏:‏ أن له حق الشفعة لنفسه فيما دخل في المقاسم المملوكة وكذا لدوابه إلا إذا خيف تخريب النهر بكثرتها لا سقي أرضه ونحوه‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ والشفة إذا كانت تأتي على الماء كله بأن كان جدولا صغيرا وفيما يرد عليه من المواشي كثرة تقطع الماء قال بعضهم لا يمنع وقال أكثرهم يمنع للضرر ا هـ‏.‏ وجزم بالثاني في الملتقى

‏(‏قوله ولا سقي أرضه إلخ‏)‏ اضطر إلى ذلك أو لا ولا ضمان عليه إن سقى أرضه أو زرعه من غير إذن، وإن أخذ مرة بعد مرة يؤدبه السلطان بالضرب والحبس إن رأى ذلك خانية ط ‏(‏قوله إلا بإذنه‏)‏ لأن الماء متى دخل في المقاسم انقطع شركة الشرب عنه بالكلية هداية، وفي الخانية‏:‏ نهر خاص بقوم ليس لغيرهم أن يسقي بستانه أو أرضه إلا بإذنهم، فإن أذنوا إلا واحدا أو كان فيهم صبي أو غائب لا يسع الرجل أن يسقي منه زرعه أو أرضه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله أو خضر‏)‏ جمع خضرة وهي في الأصل لون الأخضر فسمي به ولذا جمع مغرب ‏(‏قوله زرع‏)‏ الظاهر أنه فعل ماض مبني للمجهول صفة لما قبله، وذكر الضمير للعطف بأو، ولأن ما قبله من اسم الجنس الجمعي الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا، والأكثر فيه التذكير نحو‏:‏ ‏{‏إليه يصعد الكلم الطيب‏}‏ ‏{‏يحرفون الكلم عن مواضعه‏}‏ ‏(‏قوله بجراره‏)‏ بكسر الجيم جمع جرة‏:‏ وهو ما يعمل من الخزف ويجمع أيضا على جرر قاموس ط ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ كذا في الهداية والتبيين والملتقى وغيرها ‏(‏قوله وقيل لا إلا بإذنه‏)‏ قال في الخانية والوجيز وهو الأصح فهما قولان مصححان

‏[‏فرع‏]‏

العين أو الحوض الذي دخل فيه الماء بغير إحراز واحتيال فهو بمنزلة النهر الخاص ط

‏(‏قوله والمحرز في كوز أو حب‏)‏ مثله المحرز في الصهاريج التي توضع لإحراز الماء في الدور كما حرره الرملي في فتاواه وحاشيته على البحر، وأفتى به مرارا وقال‏:‏ إن الأصل قصد الإحراز وعدمه، ومما صرحوا به لو وضع رجل طستا على سطح، فاجتمع فيه ماء المطر فرفعه آخر، إن وضعه الأول لذلك فهو له وإلا فللرافع ا هـ‏.‏ ويشهد له ما قدمناه على القهستاني ‏(‏قوله لا ينتفع به إلخ‏)‏ إذ لا حق فيه لأحد كما قدمناه ‏(‏قوله لملكه بإحرازه‏)‏ فله بيعه ملتقى‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الذخيرة والهندية‏:‏ عبد أو صبي أو أمة ملأ الكوز من الحوض، وأراق بعضه فيه لا يحل لأحد أن يشرب من ذلك الحوض، لأن الماء الذي في الكوز يصير ملكا للآخذ، فإذا اختلط بالماء المباح ولا يمكن التمييز لا يحل شربه، ولو أمر صبيا أبوه أو أمه بإتيان الماء من الوادي أو الحوض في كوز، فجاء به لا يحل لأبويه أن يشربا من ذلك الماء إذا لم يكونا فقيرين، لأن الماء صار ملكه ولا يحل لهما الأكل من ماله بغير حاجة‏.‏ وعن محمد‏:‏ يحل لهما ولو غنيين للعرف والعادة حموي عن الدراية، وفي هذين الفرعين حرج عظيم ط‏.‏ أقول‏:‏ وفي كل منهما إشكال أيضا، أما الأول فلأن العبد لا يملك، وإن ملك فيكون لمالكه، لأنه مالك أكسابه، ولأنه يبين متى يحل الشرب منه وهل ثم فرق بين الحوض الجاري، أو ما في حكمه وبين غيره‏؟‏ وينبغي أن يعتبر غلبة الظن بأنه لم يبق مما أريق فيه شيء منه بسبب الجريان أو النضح، وإلا يلزم هجر الحوض، وعدم الانتفاع به أصلا، ويمكن أن يعتبر بالنجاسة فيحل الشرب من نحو البئر بالنزح ومن غيرها بالجريان بحيث لو كان نجاسة لحكم بطهارتها فليتأمل‏.‏ وأما الثاني فلأن للأب أن يستخدم ولده‏.‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ وللأب أن يعير ولده الصغير ليخدم أستاذه لتعليم الحرفة وللأب أو الجد أو الوصي استعماله بلا عوض بطريق التهذيب والرياضة ا هـ‏.‏ إلا أن يقال لا يلزم له ذلك من ذلك عدم ملكه لذلك الماء المباح وإن أمره به أبوه والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله إذا كان يجد ماء بقربه‏)‏ زاد في الهداية في غير ملك أحد‏.‏ قال العلامة المقدسي‏:‏ ولم أر تقدير القرب، وينبغي تقديره بالميل في التيمم ‏(‏قوله ضفته‏)‏ بالفتح والكسر كذا في المغرب وفي الديوان بالكسر جانب النهر وبالفتح جماعة الناس إتقاني ‏(‏قوله المسلمون شركاء في ثلاث‏)‏ أي شركة إباحة لا شركة ملك، فمن سبق إلى شيء من ذلك في وعاء أو غيره وأحرزه فهو أحق به وهو ملك له دون من سواه يجوز له تمليكه بجميع وجوه التمليك، وهو موروث عنه وتجوز فيه وصاياه، وإن أخذه أحد منه بغير إذنه ضمنه، وما لم يسبق إليه أحد فهو لجماعة المسلمين مباح ليس لأحد منع من أراد أخذه للشفة إتقاني عن الكرخي ‏(‏قوله والكلأ‏)‏ هو ما ينبسط وينتشر ولا ساق له كالإذخر ونحوه والشجر ما له ساق، فعلى هذا الشوك من الشجر لأن له ساقا، وبعضهم قالوا الأخضر، وهو الشوك اللين الذي يأكله الإبل كلأ والأحمر شجر وكان أبو جعفر يقول‏:‏ الأخضر ليس بكلإ، وعن محمد فيه روايتان، ثم الكلام في الكلأ على أوجه أعمها ما نبت في موضع غير مملوك لأحد، فالناس شركاء في الرعي والاحتشاش منه كالشركة في ماء البحار وأخص منه، وهو ما نبت في أرض مملوكة بلا إنبات صاحبها، وهو كذلك إلا أن لرب الأرض المنع من الدخول في أرضه، وأخص من ذلك كله وهو أن يحتش الكلأ أو أنبته في أرضه فهو ملك له، وليس لأحد أخذه بوجه لحصوله بكسبه ذخيرة وغيرها ملخصا‏.‏ قال ط‏:‏ والقير والزرنيخ والفيروز كالشجر، ومن أخذ من هذه الأشياء ضمن خزانة المفتين‏.‏ والحطب في ملك رجل ليس لأحد أن يحتطبه بغير إذنه، وإن كان غير ملك فلا بأس به، ولا يضر نسبته إلى قرية أو جماعة ما لم يعلم أن ذلك ملك لهم، وكذلك الزرنيخ والكبريت والثمار في المروج والأودية مضمرات، ويملك المحتطب الحطب بمجرد الاحتطاب وإن لم يشده ولم يجمعه، ولو أخذ الماء من أرض غير التي جعلت مملحة فلا شيء عليه، وإن صار الماء ملحا فليس له أخذه، والطين الذي جاء به النهر في ملك إنسان لا يجوز لأحد أخذه وضمن إن أخذه بلا إذن ا هـ‏.‏ ونحوه في التتارخانية ‏(‏قوله والنار‏)‏ يعني إذا أوقد نارا في مفازة فإنه تكون مشتركة بينه وبين الناس أجمع، فمن أراد أن يستضيء بضوئها أو يخيط ثوبا حولها، أو يصطلي بها، أو يتخذ منها سراجا ليس لصاحبها منعه، فأما إذا أوقدها في موضع مملوك فإن له منعه من الانتفاع بملكه، فأما إذا أراد أن يأخذ من فتيلة سراجه أو شيئا من الجمر فله منعه لأنه ملكه إتقاني عن شيخ الإسلام‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ إذا أراد الأخذ من الجمر، شيئا له قيمة إذا جعله صاحبه فحما له أي يسترده منه، وإن يسيرا لا قيمة له فلا وله أخذه بلا إذن صاحبه

‏(‏قوله فيقال للمالك إلخ‏)‏ أي إن لم يجد كلأ في أرض مباحا قريبا من تلك الأرض ط عن الهندية‏.‏ وهذا إذا كان الكلأ نابتا في ملكه بلا إنباتة، ولم يحتشه وظاهر كلامهم أن النار الموقدة في ملكه ليست كذلك، فلا يجب عليه إخراجها للطالب، ووجه الفرق فيما يظهر لي أن الشركة ثابتة في عين الماء والكلإ لا في عين الجمر، فلا يجب عليه أن يخرج له الجمر ليصطلي به، لأنه لا شركة لغيره فيه ولذا له استرداد جمر له قيمة ممن أخذه بخلاف الكلأ والماء الغير المحرزين، فلو أخذهما أحد من أرضه لا يستردهما منه، لأن الشركة في عينهما تأمل‏.‏ ثم رأيت في النهاية‏:‏ أن الشركة التي أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار والنار جوهر الحر دون الحطب والفحم، إلا إن كان لا قيمة له لأنه لا يمنع عادة والمانع متعنت

‏(‏قوله ولو منعه الماء‏)‏ أي منعه صاحب البئر أو الحوض أو النهر الذي في ملكه بأن لم يمكنه من الدخول، ولم يخرجه إليه ولم يجد ماء بقربه ‏(‏قوله وهو‏)‏ أي الشخص الممنوع ‏(‏قوله ودابته‏)‏ عبر القهستاني بأو وكذا في كتاب الخراج لأبي يوسف وشرح الطحاوي كما نقله الأتقاني ‏(‏قوله كان له أن يقاتله بالسلاح‏)‏ لأنه قصد إتلافه بمنع حقه وهو الشفة والماء في البئر مباح غير مملوك، بخلاف المحرز في الإناء هداية ‏(‏قوله لأثر عمر‏)‏ وهو ما ذكره الأتقاني عن كتاب الخراج لأبي يوسف إن قوما وردوا ماء فسألوا أهله أن يدلوهم على البئر فلم يدلوهم عليها فقالوا‏:‏ إن أعناقنا وأعناق مطايانا قد كادت تنقطع من العطش، فدلوا على البئر، وأعطوا دلوا نستقي، فلم يفعلوا فذكروا ذلك لعمر بن الخطاب فقال‏:‏ فهلا وضعتم فيهم السلاح ‏(‏قوله قاتله بغير سلاح‏)‏ أي ويضمن له ما أخذ لأن حل الأخذ للاضطرار لا ينافي الضمان كما قدمناه أول الحظر والإباحة، وذكر الأتقاني أنه لو منعه الدلو فإن كان لصاحب البئر قاتله بغير سلاح وإن للعامة قاتله بالسلاح ‏(‏قوله إن كان فيه فضل عن حاجته‏)‏ بأن كان يكفي لرد رمقهما، فيأخذ منه البعض ويترك البعض وإلا تركه لمالكه نهاية ‏(‏قوله الأولى إلخ‏)‏ يشير إلى أنه يجوز أن يقاتله بالسلاح حيث جعل الأولى أن لا يقاتله به، فيكون موافقا لما ذكرنا زيلعي يعني أنه لا يخالف ما مر من أن له أن يقاتله لاتفاق العبارتين على الجواز

‏(‏قوله وكري نهر‏)‏ وكذا إصلاح مسناته إن خيف منها تتارخانية ‏(‏قوله أي حفره‏)‏ قال القهستاني‏:‏ كري النهر إخراج الطين ونحوه منه فالكري مختص بالنهر، بخلاف الحفر على ما قاله البيهقي إلا أن كلام المطرزي يدل على الترادف ا هـ‏.‏ وعليه مشى الشارح ‏(‏قوله غير مملوك‏)‏ أي لم يدخل ماؤه في المقاسم كالنيل والفرات قهستاني ‏(‏قوله من بيت المال‏)‏ خبر المبتدأ أي مال الخراج والجزية دون العشر والصدقات، لأن الثاني للفقراء والأول للنوائب هداية ‏(‏قوله يجبر الناس‏)‏ أي الذين يطيقون الكري ومؤنتهم من مال الأغنياء الذين لا يطيقونه قهستاني ‏(‏قوله وكري النهر المملوك‏)‏ بأن دخل في المقاسم، وهو عام وخاص، والفاصل بينهما أن ما تستحق به الشفعة خاص وما لا فعام واختلف في تحديد ذلك فقيل‏:‏ الخاص ما كان لعشرة أو عليه قرية واحدة وقيل‏:‏ لما دون أربعين وقيل مائة وقيل ألف وغير ذلك عام، والأصح تفويضه لرأي المجتهد فيختار أي قول شاء‏.‏ كفاية عن الخانية ملخصا، وقدمناه في الشفعة قال الأتقاني، ولكن أحسن ما قيل فيه إن كان لدون مائة فالشركة خاصة وإلا فعامة لا شفعة فيها للكل وإنما هي للجار ‏(‏قوله وقيل في الخاص لا يجبر‏)‏ قال القهستاني في العام‏:‏ لو امتنع عنه كلهم أو بعضهم يجبرون عليه وفي الخاص لو امتنع الكل لا يجبرون إلا عند بعض المتأخرين، ولو امتنع البعض أجبر على الصحيح كما في الخزانة ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ لا يجبرون هو ظاهر الرواية كما في الكفاية ‏(‏قوله وهل يرجعون‏)‏ أي على الآبي بما أنفقوا هداية ‏(‏قوله إن أمر القاضي نعم‏)‏ أي أمره الباقين بكري نصيب الآبي على أن يستوفوا مؤنة الكري من نصيبه من الشرب مقدار ما يبلغ قيمة ما أنفقوا عليه ذخيرة، وفيها‏:‏ وإن لم يرفعوا الأمر إلى القاضي، هل يرجعون على الآبي بقسطه من النفقة، ويمنع الآبي من شربه، حتى يؤدي ما عليه قيل‏:‏ نعم وقيل‏:‏ لا وذكر في عيون المسائل‏:‏ أن الأول قول أبي حنيفة وأبي يوسف فليتأمل عند الفتوى ا هـ‏.‏ ملخصا، ومثله في التتارخانية والبزازية وظاهره‏:‏ أنه لا ترجيح لأحد القولين، فلذا خيروا المفتي لكن مفهوم كلام الشارح كالهداية والتبيين وغيرهما ترجيح عدم الرجوع بلا أمر القاضي، ثم هذا كله مبني على القول بأنه لا يجبر الآبي فإنهم فرعوه عليه وقدمنا تصحيح الجبر فتدبر‏.‏

‏(‏قوله عليهم من أعلاه إلخ‏)‏ بيانه‏:‏ أنه لو كان الشركاء في النهر عشرة فعلى كل عشر المؤنة، فإذا جاوزوا أرض رجل منهم فهي على التسعة الباقين أتساعا لعدم نفع الأول فيما بعد أرضه، وهكذا فمن الآخر أكثرهم غرامة، لأنه لا ينتفع إلا إذا وصل الكري إلى أرضه ودونه في الغرامة من قبله إلى الأول ‏(‏قوله وقالا إلخ‏)‏ الفتوى على قول الإمام كما في الكفاية وغيرها عن الخانية والقهستاني عن التتمة ‏(‏قوله بالحصص‏)‏ أي حصص الشرب والأرضين هداية‏.‏

‏[‏تنبيهات‏]‏

الأول‏:‏ قال القهستاني‏:‏ لو كان فم نهره في وسط أرضه لم يبرأ إلا بالمجاوزة عن أرضه، وهذا في النهر الخاص أما العام فقد برئ إذا بلغوا فم نهر قريتهم ا هـ‏.‏ الثاني‏:‏ قال في البزازية، وأما الطريق الخاص في سكة غير نافذة إذا احتيج إلى إصلاحه فإصلاح أوله عليهم إجماعا، فإذا فارقوا دار رجل قيل‏:‏ إنه على الخلاف في النهر وقيل يرفع إجماعا ا هـ‏.‏ زاد في الخيرية‏:‏ لو امتنع البعض قيل‏:‏ لا يجبر وقيل يجبر وذكر الخصاف أن القاضي يأمر الطالبين، فيمنعون الآبي عن الانتفاع حتى يؤدي‏.‏ الثالث‏:‏ نهر المساقط والأوساخ الذي يسقط فيه فائض الماء والكنيف الخارجة من الدور والأزقة كما في دمشق إذا احتاج إلى الكري، فهل على عكس نهر الشرب فكلما وصلوا في الكري من أعلاه إلى دار رجل شارك من قبله كما أفتى به في الحامدية وغيرها، لأن حاجة كل واحد إلى تسييل أوساخه من داره إلى آخر النهر، ولا حاجة إلى ما قبل داره فمن في الأعلى أكثرهم غرامة لاحتياجه إلى جميع النهر، ودونه فيها من بعده إلى الآخر فهو أقلهم غرامة بعكس نهر الشرب‏.‏ وحاصل الفرق‏:‏ أن صاحب الشرب محتاج إلى كري ما قبل أرضه ليصله الماء وصاحب الأوساخ محتاج إلى ما بعد أرضه ليذهب وسخه ‏(‏قوله ولا كري على أهل الشفة‏)‏ لأن المؤنة تلحق المالك لا من له الحق بطريق الإباحة بزازية، ولأنهم لا يحصون لأنهم أهل الدنيا جميعا أتقاني وغيره‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

أنهار دمشق التي تستقي أراضيها وأكثر دورها جرت العادة من قديم أن أهل الأراضي يكرونها وحدهم دون أهل الدور مع أن لكل دار حقا معلوما منها يباع ويشرى تبعا فهو حق شرب مملوك لهم لا حق شفة بطريق الإباحة ومقتضى ذلك أنه يلزمهم مشاركة أهل الأراضي في كريها كما يعلم مما مر ‏(‏قوله استحسانا‏)‏ ووجهه أنه مرغوب فيه منتفع به ويمكن ملكه بلا أرض بإرث ووصية كما يأتي وقد يبيع الأرض وحدها فيبقى له الشرب وحده، والقياس أن لا يصح الدعوى به لأنه مجهول جهالة لا تقبل الإعلام

‏(‏قوله وإن لم يكن‏)‏ أي النهر في يد الآخر قال في الكفاية‏:‏ علامة كون النهر في يده كريه وغرس الأشجار في جانبيه وسائر تصرفاته ‏(‏قوله ولم يكن جاريا فيها‏)‏ أي وقت الخصومة، ولم يعلم جريانه قبلها، أما إن كان جاريا وقتها أو علم جريانه قبلها يقضي به له إلا أن يبرهن صاحب الأرض أنه ملكه كما في التتارخانية ‏(‏قوله فعليه البيان‏)‏ أي الإظهار ببرهان أو بمعنى البينة وعلى الأول فعمله فيما بعده من عمل المصدر المقرون بأل وهو قليل كقوله‏:‏ ضعيف النكاية أعداءه‏.‏ وعلى الثاني ففيه حذف الجار وهو على قبل أن وهو مطرد ‏(‏قوله أن هذا النهر له‏)‏ أي إن كان يدعي رقبة النهر عناية ‏(‏قوله وأنه قد كان له مجراه‏)‏ أي إن كان يدعي الإجراء فيه عناية، فالموضوع مختلف، فكان المناسب الإتيان بأو بدل الواو كما فعل في الهداية والملتقى، والضمير في المصدر الميمي، وهو مجراه للماء أو النهر المذكور قبله لكن قد علمت أن المراد بالنهر رقبته، وهو الحفرة، ففيه استخدام، وعلى كل فقوله بعده في هذا النهر صحيح خلافا لمن زعم أن الصواب أن يقول في هذه الأرض، وكأنه أوقعه فيه تفسير بعض الشراح المجرى بموضع الإجراء تأمل ‏(‏قوله وعلى هذا المصب‏)‏ أي موضع اجتماع ما فضل من الماء كفاية ‏(‏قوله فحكم الاختلاف فيه إلخ‏)‏ أي إن لم يكن في يده ولم يكن جاريا أو ماشيا وقت الخصومة، ولم يعهد ذلك قبلها لا بد من البينة على أن المصب والميزاب والممشى ملكه أو أنه كان له فيه التسييل، أو المشي لكن في الذخيرة عن أبي الليث، لو كان مسيل سطوحه إلى دار رجل وله فيها ميزاب قديم، فليس له منعه وهذا استحسان جرت به العادة، أما أصحابنا فقد أخذوا بالقياس، وقالوا ليس له ذلك إلا أن يقيم البينة أن له حق المسيل والفتوى على ما ذكره أبو الليث ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ وبه نأخذ ا هـ‏.‏ وهو موافق للقاعدة الآتية أن القديم يترك على قدمه تأمل

‏(‏قوله اختصموا في الشرب‏)‏ أي ولا تعرف الكيفية في الزمان المتقدم بزازية ‏(‏قوله لأنه المقصود‏)‏ أي المقصود فيها الانتفاع بسقيها فيقدر بقدرها هداية ‏(‏قوله لأن المقصود الاستطراق‏)‏ أي وهو في الدار الواسعة والضيقة على نمط واحد هداية‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه يقسم على الرءوس سائحاني عن الملتقط ومثله الاختلاف في ساحة الدار كما مر في متفرقات القضاء ‏(‏قوله وليس لأحد إلخ‏)‏ لأن فيه كسر ضفة النهر وشغل موضع مشترك هداية ‏(‏قوله من الشركاء في النهر‏)‏ أفاد أن الكلام في النهر المملوك، بخلاف الأنهار العظام فإن له ذلك كما قدمه أول الفصل ‏(‏قوله إلا رحى وضع في ملكه‏)‏ صورته‏:‏ أن يكون حافتا النهر وبطنه ملكا له ولغيره حق إجراء الماء أتقاني ‏(‏قوله ولا يضر بنهر ولا بماء‏)‏ أي والحال أن الرحى لا يضر وعبارة الكافي بأو قال في الدر المنتقى‏:‏ فعليه الواو هنا تبعا للوقاية، وفي الهداية بمعنى أو ليوافق الكافي قاله الباقاني ا هـ‏.‏ ومعنى الضرر بالنهر ما بيناه من كسر ضفته، وبالماء أن يتغير عن سننه الذي كان يجري عليه هداية‏:‏ أي بأن يعوج الماء حتى يصل إلى الرحى في أرضة ثم يجري إلى النهر من أسفله، لأنه يتأخر وصول حقهم إليهم وينقص أتقاني ‏(‏قوله أو دالية إلخ‏)‏ قال في المغرب‏:‏ الدالية جذع طويل يركب تركيب مدق الأرز في رأسه مغرفة كبيرة يستقى بها والناعورة ما يديره الماء والجسر ما يعبر به النهر وغيره مبنيا كان أو لا والفتح لغة، والقنطرة ما يبنى على الماء للعبور والجسر عام ا هـ‏.‏ لكن في العناية الجسر ما يوضع ويرفع مما يتخذ من الخشب والألواح والقنطرة ما يتخذ من الحجر والآجر موضوعا لا يرفع ‏(‏قوله أو يوسع فم النهر‏)‏ لأنه يكسر ضفته ويزيد على مقدار حقه في أخذ الماء هداية ‏(‏قوله بكسر الكاف إلخ‏)‏ قال في المغرب وقد تضم في المفرد والجمع ‏(‏قوله لأن القديم يترك على قدمه إلخ‏)‏ كذا في الهداية وغيرها قال القهستاني‏:‏ وفيه إشعار بأنه لو كان لرجل مياه في أوقات متفرقة في قرية لم يجز جمعها في وقت إلا برضاهم كما في الجواهر لكن في التتمة إنه جائز ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو يسوق نصيبه إلخ‏)‏ لأنه إذا تقادم العهد يستدل به على أنه حقه هداية‏:‏ أي فيلزم أن يقضي له بشرب الأرضين جميعا، لأنه إذا لم يعلم يقسم على مقدار الأراضي أتقاني، وكذا إذا أراد أن يسوق شربه في أرضه الأولى حتى ينتهي إلى الأخرى، لأنه يستوفي زيادة على حقه إذ الأرض الأولى تنشف بعض الماء قبل أن يسقي الأخرى هداية‏.‏ وذكر خواهر زاده‏:‏ أنه إذا ملأ الأولى وسد فوهة النهر له أن يسقي الأخرى من هذا الماء، لأنه حينئذ لم يستوف زيادة على حقه وإن لم يسد فلا كفاية ‏(‏قوله ليس له‏)‏ أي للأرض وذكر الضمير باعتبار المكان ط ‏(‏قوله ولهم نقضه إلخ‏)‏ لأنه إعارة الشرب فإن مبادلة الشرب بالشرب باطلة هداية ‏(‏قوله وليس لأهل الأعلى سكر النهر بلا رضاهم‏)‏ لما فيه من إبطال حق الباقين، فإن تراضوا على أن يسكر الأعلى النهر، حتى يشرب بحصته أو اصطلحوا على أن يسكر كل منهم في نوبته جاز، لأن الحق لهم إلا أنه إذا تمكن من ذلك بلوح لا يسكر بما ينكبس به النهر كالطين وغيره لكونه إضرارا بهم منع ما فضل من السكر عنهم إلا إذا رضوا، فإن لم يمكن لواحد منهم الشرب إلا بالسكر ولم يصطلحوا على شيء يبدأ بأهل الأسفل حتى يرووا ثم بعده لأهل الأعلى أن يسكروا، وهذا معنى قول ابن مسعود رضي الله عنه‏:‏ أهل أسفل النهر أمراء على أهل أعلاه، حتى يرووا لأن لهم أن يمنعوا أهل الأعلى من السكر وعليهم طاعتهم في ذلك، ومن لزمك طاعته، فهو أميرك عناية وهداية‏.‏ وفي الدر الملتقى قال شيخ الإسلام واستحسن مشايخ الأنام قسم الإمام بالأيام ا هـ‏.‏‏:‏ أي إذا لم يصلحوا ولم ينتفعوا بلا سكر يقسم الإمام بينهم فيسكر كل في نوبته‏.‏ قلت‏:‏ لكنه خلاف ما في المتون كالملتقى والهداية فتنبه بقي لو جرت العادة من قديم على ذلك كما يفعل في أنهار دمشق الآخذة من نهر بردى، وقد يقل الماء في بعض السنين فيتضرر أهل الأسفل بسكر الأعلى فهل يقال يبقى القديم على قدمه‏؟‏ أجاب في الإسماعيلية وتبعه في الحامدية‏:‏ بأن ذلك ممنوع شرعا لكونه تصرفا في المشترك بلا رضا الشركاء ورضا من تقدم لا يلزم به من تأخر فيبدأ بالأسفل ثم بالأعلى ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وكذلك سئل في الخيرية عن خصوص نهر بردى فأجاب‏:‏ بالمنع ولا يخفى أنه مبني على ما في المتون، وأنت خبير بأن ما استحسنه مشايخ الأنام من القسم بالأيام فيه دفع الضرر العام وقطع التنازع والخصام، إذ لا شك أن لكل في هذا الماء حقا فتخصيص أهل الأسفل به حين قلة الماء فيه ضرر لأهل الأعلى، وكذا تخصيص أهل الأعلى به فيه ذلك مع العلم بأنه مشترك بين الكل فلذا استحسنوا ما ذكر وارتضوه‏.‏ ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما يدل عليه حيث قال‏:‏ فإن كان الأعلى منهم لا يشرب، حتى يسكر النهر لم يكن له أن يسكر النهر على الأسفل؛ ولكن يشرب بحصته ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ ولكن يشرب بحصته يومئ إلى هذا حيث لم يمنعه من الشرب أصلا والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله كطريق مشترك إلخ‏)‏ وجه الشبه هو أنه يزيد في الشرب ما ليس له فيه حق الشرب ويزيد في الطريق من ليس له حق المرور كفاية ‏(‏قوله ساكنها‏)‏ مبتدأ وغير خبر‏.‏ والظاهر أن صورة المسألة له داران باب إحداهما في طريق خاص، وهو ساكن فيها وباب الثانية في طريق آخر وظهرها في الطريق الأول، وقد أسكن فيها غيره بإجارة، أو إعارة فليس له أن يفتح للثانية بابا في طريق الدار الأولى، لأنه يلزم منه أن يزيد في الطريق الخاص من ليس له حق المرور وهو ساكن الدار الثانية بلا رضا أصحاب الطريق ‏(‏قوله لأن المارة لا تزداد‏)‏ وله حق المرور ويتصرف في خالص ملكه، وهو الجدار بالرفع زيلعي وفيه أنه قد يطول الزمان، ويبيع التي لا ممر لها فيدعي المشتري أن له حق المرور، ويستدل على ذلك بالفعل السابق ط‏.‏ أقول‏:‏ وذكر في الفصل 35 من نور العين خلافا في المسألة فقال له دار في سكة لا تنفذ فشرى بجانب داره بيتا ظهره في هذه السكة قيل له‏:‏ أن يفتح من ظهره بابا في السكة، وقيل‏:‏ لا ولو أراد أن يفتح بابا للبيت في داره، ويتطرق من داره إلى السكة له ذلك ما دام هو ساكنا أما إذا صارت لرجل، والبيت لآخر ليس لرب البيت أن يمر في هذه السكة ا هـ‏.‏ وبيان الفرق في جامع الفصولين فراجعه‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

له كوة في أسفل النهر أراد أن يسدها، ويفتح أخرى في الأعلى ليس له ذلك، بخلاف ما لو أراد أن يجعل باب داره في أعلى السكة الغير النافذة، وإن أراد أن يسفلها عن موضعها ليكثر أخذ الماء قال الحلواني‏:‏ له إن علم أنها كانت كذلك ثم ارتفعت وقال السرخسي‏:‏ له مطلقا وكذا الخلاف إن أراد أن يرفعها ليقل عنه الماء ا هـ‏.‏ تتارخانية ملخصا‏.‏

‏(‏قوله ويورث الشرب إلخ‏)‏ لأن الملك بالإرث يقع حكما لا قصدا، ويجوز أن يثبت الشيء حكما وإن كان لا يثبت قصدا كالخمر تملك حكما بالميراث، وإن لم تملك قصدا بسائر أسباب الملك وما يجري فيه الإرث تجري فيه الوصية، لأنها أخته وفي الهبة ونحوها يرد العقد عليه مقصودا أتقاني ملخصا ‏(‏قوله ويوصي بالانتفاع به‏)‏ وتعتبر الوصية من الثلث قال بعضهم‏:‏ بأن يسأل من المقومين من أهل ذلك الموضع أن العلماء لو اتفقوا على جواز بيعه منفردا بكم يشترى، فإن قالوا بمائة اعتبر من الثلث كما في إتلاف المدبر، وأكثرهم على أنه يضم إلى هذا الشرب جريب من أقرب أرض إليه فينظر بكم يشترى معه، وبدونه تتارخانية‏:‏ أي فيكون فضل ما بينهما قيمته ‏(‏قوله أما الإيصاء ببيعه فباطل‏)‏ مستغنى عنه بقول المصنف بعد ولا يوصي بذلك ط وفيه عن الهندية أوصى بثلث شربه بغير أرضه في سبيل الله أو الحج أو الرقاب كانت وصية ببيعه، إذ لا يتمكن من ذلك إلا بثمنه ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله ولا يباع الشرب‏)‏ في ظاهر الرواية شرب يوم أو أكثر ويفسد نص عليه محمد، لأنه مجهول لا لأنه غير مملوك وإلا بطل وجاز مع الأرض في الصحيح در ملتقى‏:‏ أي تبعا لها قال في البزازية قال‏:‏ بعتك هذه الأرض وبعتك شربها قيل‏:‏ لا يجوز بيع الشرب، لأنه صار مقصودا بالبيع، وقيل‏:‏ يجوز، لأنه لما لم يذكر له ثمنا لم يخرج من التبعية، حتى لو ذكر لم يجز وفاقا لأنه صار أصلا من كل وجه، ولو باع أرضا مع شرب أرض أخرى عن ابن سلام يجوز، ولو أجر لا يجوز، لأن الشرب في البيع أصل من حيث إنه يقوم بنفسه وتبع من حيث إنه لعينه فمن حيث إنه تبع لا يباع من غير أرض، ومن حيث إنه أصل يجوز مع أي أرض كانت وفي الإجارة تبع من كل وجه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وللشرنبلالي رسالة في الشرب ذكر فيها الصور الصحيحة والفاسدة في جدول فراجعها وذكر فيها أيضا أن الصحيح أنه لا يجوز البيع أيضا كالإجارة في المسألة المذكورة ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ الذي سيجيء قريبا أن الفتوى على أنه لا يضمن بالإتلاف، لكن عدم ضمانه بالإتلاف مفرع على كونه ليس بمال متقوم كما صرح به في الهداية فيكون الفتوى على أنه غير متقوم أيضا ‏(‏قوله وأخويه‏)‏ أي الهبة والتصدق

‏(‏قوله ولا يصلح الماء‏)‏ أي ماء الشرب الغير المحرز ‏(‏قوله بدل خلع‏)‏ فلا يكون له من الشرب شيء وعليها أن ترد المهر الذي أخذته، لأنها غرته بالتسمية، كما لو اختلعت على ما في بيتها من متاع فإذا ليس في بيتها شيء كفاية ‏(‏قوله وصلح إلخ‏)‏ ويسقط القصاص لوجود القبول، وعلى القاتل رد الدية لأن الولي لم يرض بسقوط حقه مجانا أتقاني، وإذا لم يكن عن قصاص فالمدعي على دعواه عناية ‏(‏قوله ومهر نكاح‏)‏ ولها مهر المثل أتقاني زاد في الدر المنتقى‏:‏ ولا يقرض ولا يرهن ولا يعار ‏(‏قوله لأنها لا تبطل بالشرط الفاسد‏)‏ يعني أن العقد ببدل هو غير مال متقوم في هذه العقود بمعنى الشرط الفاسد وهذه العقود لا تبطل بالشروط الفاسدة ‏(‏قوله لأن الشرب إلخ‏)‏ علة أخرى أو بيان لكونه بمعنى الشرط الفاسد ‏(‏قوله وقيل إلخ‏)‏ صححه في الهداية ثم قال‏:‏ وإن لم يجد ذلك اشترى على تركة الميت أرضا بغير شرب ثم ضم الشرب إليها وباعها فيصرف من الثمن إلى ثمن الأرض، ويصرف الفاضل إلى قضاء الدين

‏(‏قوله لأنه متسبب غير متعد‏)‏ فهو كحافر البئر وواضع الحجر في أرضه لا يضمن ما تلف به ‏(‏قوله وإلا فيضمن‏)‏ كما لو أوقد نارا في دار لا يوقد مثلها عادة فاحترقت دار جاره وأما إذا كان في أرضه ثقب فغرقت أرض جاره، فإن علم به ضمن وإلا لا أتقاني ‏(‏قوله وهذا إذا سقى‏)‏ الإشارة إلى عدم الضمان إذا سقاها معتادا كما أفصح عنه في الذخيرة ‏(‏قوله وأما إذا سقى إلخ‏)‏ أي سواء كان معتادا أو لا كما أفاده ما ذكرنا من مرجع الإشارة قال ط‏:‏ وقد علمت ما عليه الفتوى وهو أن الاعتبار للمعتاد وغيره ‏(‏قوله على ما قال إسماعيل الزاهد‏)‏ هذا يقتضي انفراده مما ذكر وأن الجمهور على الأول ط وفي بعض النسخ الزاهدي بالياء موافقا لما في القهستاني لكن الذي رأيته في الذخيرة وغيرها بدون ياء ‏(‏قوله لما مر إلخ‏)‏ قال في الذخيرة‏:‏ وإنما لا يضمن لوجهين‏.‏ أحدهما أنه يملك استهلاكه للشفعة، ومن ملك استهلاك شيء بجهة فاستهلكه بجهة أخرى لا يضمن كمن دخل دار الحرب فاستهلك العلف لأنه يملك استهلاكه بعلف دابته، الثاني أن الماء قبل الإحراز بالأواني لا يملك فقد أتلف ما ليس بمملوك لغيره ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بنزله‏)‏ أي بضمتين أي ريعه ونمائه كما في القاموس ‏(‏قوله فحسن‏)‏ يشير إلى أنه غير واجب وإنما هو للتنزه‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وفي التتمة أن الماء وقع في كرم زاهد في غير نوبته أمر بقطعه وعن بعضهم أنه ضرح منه التراب المبلول وقال الفقيه‏:‏ لا آمر به ولو تصدق بنزله لكان حسنا وهذا أفضل ‏(‏قوله لبقاء الماء الحرام فيه‏)‏ هذا يقتضي الوجوب على أنه لا يظهر إلا على مقابل المفتى به من أنه يملك فيضمنه لمالكه أي إن علم تأمل‏.‏ ‏(‏قوله إذا سمن‏)‏ الأولى سمنت ‏(‏قوله انعدم وصار شيئا آخر‏)‏ أي دما أو فرثا أو لحما ونحوه فلا يطلب منه التصدق بها ط ‏(‏قوله فإن تكرر ذلك‏)‏ بأن فعله مرة أخرى قال في شرح الوهبانية عن الخانية وإن فعله مرة بعد مرة إلخ ط ‏(‏قوله وتمامه في شرح الوهبانية‏)‏ أي للعلامة ابن الشحنة حيث ذكر ما حاصله أن الطرسوسي فهم من التعليل المار، بأن الماء قبل إحرازه لا يملك أنه يكون مباحا ورده الناظم في شرحه بأنه لا يلزم ذلك، بل يكون غير مملوك ويكون مستحقا لما في الخانية، أنه ليس له ذلك بلا إذن، وإن اضطر إليه وفي العيون لا يفعل، وإن اضطر إليه لأن المرخص في أخذ مال الغير خوف الهلاك على النفس ولم يوجد، ولو فعل فلا ضمان على أن الطرسوسي قال‏:‏ إن كلام العيون يقتضي أنه لا يجوز ديانة فينبغي أن يفتى بأنه لا يباح بلا إذن ولو فعل لا ضمان في القضاء ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله قال‏)‏ أي في شرح الوهبانية أول الفصل فافهم ‏(‏قوله وينفذ الحكم بصحة بيعه‏)‏ لمصادفته فصلا مجتهدا فيه، لكن القاضي الآن لا ينفذ حكمه بغير معتمد مذهبه ‏(‏قوله فافهم‏)‏ لعله يشير إلى دفع ما أورد على الهداية من أن قوله هنا لا يضمن يناقض قوله في باب البيع الفاسد‏:‏ أنه يجوز بيعه في رواية وهو اختيار مشايخ بلخ، لأنه حظ من الماء ولهذا يضمن بالإتلاف، وله حظ من الثمن يعني أن قوله‏:‏ ولهذا يضمن بالإتلاف مبني على مقابل المفتى به، وإن أوهم الاتفاق على الضمان كما هو شأن التعليل‏.‏ ‏(‏قوله قلت وقد مر عليه الفتوى‏)‏ أي من أنه لا يضمن لأنه غير متقوم وصححه في الظهيرية ‏(‏قوله فتنبه‏)‏ أي فإن ما أفتى به الناصحي وما في النقاية وبيوع الهداية خلاف المفتى به ‏(‏قوله وساق إلخ‏)‏ لا حاجة إليه ط ‏(‏قوله وما جوزوا إلخ‏)‏ التراب المستخرج بالحفر، ويوضع على حافتي النهر قيل لمن وضع بجانبه أخذه إن لم يضر بالنهر، وقيل مشترك بين أهل النهر، وهو المذكور في النظم وقيل‏:‏ يباح لكل من أخذه إن لم يضر، لأن الحافر لم يقصد تملكه فهو كمن احتش حشيش النهر، ليجري الماء فلكل أحد أخذه وصوبه شيخ الإسلام وفي القنية أنه حسن جدا ‏(‏قوله دون إذن‏)‏ قد علمت أن الناظم جرى على القول بأنه مشترك، فاشتراط الإذن لا بد منه بناء عليه فافهم ‏(‏قوله ولو حفروا نهرا إلخ‏)‏ الشطر الثاني له غير به نظم الأصل لتضمنه مسألتين‏:‏ الأولى‏:‏ نهر لقوم يجري في أرض حفروه وألقوا ترابه فإن ألقوه في غير حريم النهر فلهم أخذه بنقله وإلا فلا، والثانية‏:‏ لو كان يجري في سكة فكذلك والله تعالى أعلم‏.‏